Translate

نعمة النسيان



نـعمـة الـنـسـيــان

جلست وحيدة صامتة لفترة ليست بالقصيرة في تلك الحديقة الغنّاء الملآنة بكل ألوان السعادة ، جلست تتذكر حبيبها التي فارقته لسبب أو لآخر هي لا تعرف لماذا كُتِب عليهما الفراق و لا تريد أن تتذكر تلك اللحظة المؤلمة .. يكفيها فقط السعادة التي تملأ قلبها حين يدور هو في مخيلتها ... هي في أغلب الأوقات لا تنساه .. فهو قابع هناك في مكان ما بين طيات ذاكرتها في ذلك الركن المخصص له وحده .. لو استطاعت يوماً ان تفرش له قلبها وروداً لفعلت دون إبطاء ... تسعى دوماً للقائه حقيقةً أو خيالاً .. لا تعرف لماذا قابلته و لا تعرف لماذا افترقا .. إنها تعرف فقط أنها تحبه .. و هذا يكفيها حقاً أو ربما لا فهي تريده هو ... كما لن يكون أبداً ... تكلمت معه مراراً و تكلمت عنه تكراراً .. وصفته لهم بأحلى الصفات و أطيب الكلمات ... و كيف لا ؟ ... فهو السكر الذي يزيل مرارة أيامها .. و هو هواءها الذي تتنفسه لكي تحيا .. هي لا تريد أن تصارع تلك الأيام المتلاطمة أمواجها بدونه .. لطالما فكرت و هي  تستمد شهيقاً أن تستمد التالي من أجله ..
ما هذه الغربة القميئة ؟ .. ما هذه الحياة الغريبة ؟ .. إنه يحيا بداخلها و هي لا تحيا مطلقاً .. كيف لها أن تقاوم ذلك التفكير الذي يقتلها .. سألت نفسها هل هي تتقمص دور الحبيبة كما  شاهدت في الأفلام .. أم أن هذا هو الحب الحقيقي فعلاً ؟ هل بعد افتراقهما ستستطيع أن تنساه ... هل ستحظى بهذه النعمة الإلهية ؟ .. نعمة النسيان ..
إن هذا العالم رحبٌ و ضيق .. فبرحابته قد وسع كل هؤلاء البشر و لكنه ضيق حرج لا يستطيع أن يسع حزنها ..
غابت الإبتسامات .. لم تعد تسمع أصوات العصافير .. نسائم و الوان الربيع أصبحت مبهمة ... الألوان باهتة ... الموسيقى لا طعم لها .. المرارة في الحلق دوماً ..
هل تستطيع أن تجد البديل ؟ .. هل هناك على سطح هذا الكوكب من يقدر أن يمحو آثار هذا الجرح الدامي ؟


انهمرت الأمطار .. أمطار تملأ انهاراً .. لآلئ رقيقة نبعت من تلك الأعين و مرت على الوجنات ... تمنت لو أنها الآن فقدت ذاكرتها .. كل ما فيها يمحى ... بما فيها هو ، الآن و ليس غداً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق