Translate

البقاء في نار الجنة أو الذهاب الى جنة النار




البقاء في نار الجنة او الذهاب الى جنة النار

تختلجه الكثير من المشاعر , رأسه مشتت بالأفكار المتضادة , يحارب نفسه و نفسه تحاربه , لم ير نفسه أبداً في مثل هذا الموقف الغريب , الأفكار تتقاتل بضراوة في رأسه منتظراً من سيفوز في هذه المعركة المصيرية .
يجلس الآن في مكان ما تحت سماء القاهرة و فوق أرضها , يحتسي الشاي ( مشروبه المفضل ).
مصري صميم حتى النخاع له جذوره الممتدة , يشعر كأنه شجرة في أرض هذا الوطن الدافئ , تراه محدقاً في السماء يفكر , تشعر أنه سابحاً في نهر من التساؤلات , ماذا دهاه ، لابد أنه موضوع جلل .
كل يوم عاشه في هذا الوطن له فيه ذكريات جميلة , يشعر أن بلده هي امه التي ولدته و الناس هم إخوته , شركاؤه في حياته , لم يكن ليتخيل أبداً أن يتركهم و يبتعد عنهم .
الآن هو بين أمرين , الأمر الاول ، أن يرحل ليشق طريقه و ليصنع مستقبله خارج وطنه , و الأمر الثاني بالطبع أن يبقى في الوطن و يصنع هذا المستقبل في الداخل , و له الآن حق الإختيار إما البقاء و إما الرحيل
هو لم يجرب آلام الغربة التي يسمع عنها من كل أحد سافر و هاجر خارج البلاد و لا يعرف هل سيتعرف عليها يوماً أم لا .
حال بلده الآن لا يسعده كثيراً و لا يسعد أحداً قط , و لكنها جنته التي يعشقها و كيف له أن يترك جنته التي يذوب فيها بكامل إرادته و لكنه أيضاً كأي شخص فيها يكتوي بنيرانها .
يشفق على وطنه من تقطع أوصاله و إنهيار أحلامه و آماله , لم يعد يرى بارقة أمل ( مع الكثير من التفاؤل ) , و لكنه لا يسعه ان يترك وطنه , جنته , رغم نيران هذه الجنة .
تتصارع الأفكار في دماغه , يريد أن يحيا حياة كريمة , و من منا لا يريد ذلك .
ينظر إلى ذلك العقد الملقى امامه على المنضدة منتظراً التوقيع لكي يسافر لإحدى الدول العربية ليتسلم وظيفته هناك في هذا البلد الغريب عنه كليةً , نفسه تربو لتحقيق احلامها , ينظر إلى العقد متخيلاً غربته عن اهله و وطنه , أصدقائه و من ارتبط بهم .
هل يقدر على هذا الانسلاخ الأليم , هل تراه يتحلى بالقوة لكي يتحمل آلام هذا الإنفصال البغيض , هل تراه يستطيع أن يتنفس هواءً غير هواء بلده أو يعيش تحت سماء أخرى غير سمائها .
يفكر في كل هذا التغيير في الأشكال و الألوان و الأجواء , و حتى اللهجة المصرية التي يعشقها , سوف يحرم منها
و الآن هو يمسك ذاك القلم و هو يصارع نفسه و يقاتل أفكاره
و امامه النجدين , الجنة في وطنه و يصبر على لفح نيرانها , أو يكتوي بنيران الغربة و الافتراق ويعيش في جنة لا ينتمي لها .
أيبقى في نار الجنة أم يرحل إلى جنة النار
ترى لو كنت مكانه , ماذا كنت ستختار ؟ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق