جلس في حديقة منزله المليئة بالشجيراتْ , مستمتعاً بالشمس الباعثةً
للّفحاتْ , قابعاً فوق ما أسقطت الأشجار من وريقاتْ , هائماً في جمال ألوان
الزهرات .
تخطى الستين ببضع سنواتْ , أدرك من آماله ما أدرك و فاته ما قد فاتْ , تذّكر
ما مرّ به من صعوباتْ , أحلام و آمال و مشكلاتْ , غادر وطنه محملاً بالأمنياتْ ,
متوجهاً إلى ما أسماها بلاد الحضاراتْ , راسماً على طريق الحياة خطواتْ , عمل و
كدّ و اجتهد و لم يَنَل راحاتْ , ثار و انطفأ و جاب ساحاتْ , لم تَغِبْ عنه أخبار
وطنه القاسياتْ , عاش من عاش من أقربائه و مات من ماتْ , لم يُعِرْ اهتماماً و
أسماها تفاهاتْ , و اليوم بعد أن دهسه الدهرُ و فاتْ , أدرك أنه لم ينل السعادة في
أي من اللحظاتْ , لم يدركها في الأموال المكتنزاتْ , ولم يرها في النساء الفاتناتْ
.
اشتاق كثيراً لأصدقائه و الحكاياتْ , و افتقد أقاربه و السهراتْ , حنّ
لأرضه و بلده والحاراتْ .
عرف أنه لن يملك الغاياتْ , وعرف أنه سينتهي الى المماتْ , هب واقفاً و
أصدر القراراتْ , فلأموتنّ إذن تحت سماء بلادي العالياتْ , و لأُدفَننّ تحت
أراضيها الطيباتْ .
يا أيتها الغربة القاتلةُ بروداً لسنواتْ , اتركيني أعود لبلادي العزيزاتْ
, فلا سعادة عندك و لا مفرحاتْ , فأنا من ضيّعت عمري سعياً وراء ترهاتْ , سأعود
لبلادي حتماً كفاني ما قد فات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق