Translate

يوم مروري




يوم مروري

ربما لديك الكثير من الحظ يا صديقي كونك لم تذهب يوماً إلى إدارة المرور , فأنت في نعمة قد يحسدك عليها البعض , و بما أنك لم تذهب إلى هناك دعني أصف لك هذا العالم الغريب عنك .
لو قلت لك أن هذه الإدارة كمثل خلية النحل في زحامها و نشاطها لصدقتك القول حتماً , فيومياً تعج هذه الإدارة بالكثير من الناس الذين يسعون لقضاء مصالحهم , هناك هذا الرجل ذو الوجه المختفي ثلثه خلف النظارة الشمسية ( و لا أعلم لماذا يلبس النظارة الشمسية داخل الإدارة ) تجده يستخرج ترخيصاً لسيارته الجديدة ( الزيرو ) و سط ترحيب من الموظفين ( اتفضل يا عماد بيه ) .. ( امضي هنا يا عماد باشا ) .. ( الف مبروك يا باشا ... لينا الحلاوة بقا .. ما تنساناش )
وتجد رجلاً آخر يسعى لتجديد ترخيص القيادة الخاص به و هو يحاول أن يصل لأي شباك وراءه موظف ليعرف ما هي الأوراق المطلوبة , وتجد سيدة تريد أن تنقل ملكية سيارتها من إدارة لأخرى و هي وحدها تقف في طابورها التي صنعته لنفسها .
كان الله في عون الجميع .. الموظفون يعملون و يعملون بكل نشاط و رخامة أحياناً و ينظرون إليك كما لو أنك قد أفسدت عليهم ذلك السلام الإجتماعي الذي كانوا ينعمون به قبل مجئ حضرتك طبعاً , و تجد المواطنين غرقى في طوابيرهم ... طوابير موازية لبعضها البعض أمام نفس الشباك و تصب في طابور واحد امام الموظف .
ذلك هو العالم الداخلي .. أما عن خارج الإدارة , فهو عالم آخر .. أناس جالسين بطاولاتهم , و عندما تمر من أمام أحد منهم تجده يقول ( تجديد يا بيه ؟؟؟ ... فحص يا باشا ؟؟؟ ) .
من الممكن أن تلجأ إلى أحدهم لكي يساعدك فيما انت بصدده أو لكي يكشف لك بواطن الأمور التي من المؤكد أنك لا تعرف عنها شيئاً و ذلك على طريقة ( إرمي بياضك ) .
تجد يا صديقي في الصورة التي وصفتها لك ( و أرجو أن أكون وفقت في ذلك ) طبيعة المؤسسات الحكومية ... الفوضى ..
يوم أن كنت في إدارة المرور تذكرت صديقي محمد ذلك الرجل الحامل للحنسيتين المصرية و الأمريكيةو الذي يعيش في الولايات المتحدة منذ زمن غير قريب , و هو يحكي لي عن طريقة استخراج المستندات في بلاد العم سام , كل شئ هناك لا يتم عن طريق التعامل المباشر مع الجمهور و لكن عن طريق شركات متخصصة و محامين هم همزات الوصل بين الإدارات و الجماهير .
إذا أردت مثلاً ان تستخرج رخصة قيادة فما عليك سوى أن تلجأ إلى إحدى هذه الشركات فيأتي من يقوم بإستخراج كل المستندات المطلوبة و عليك فقط أن تذهب لإجتياز الإختبارات الصحية و إختبار القيادة , و لكن بصراحة لم يقل لي هل في الولايات المتحدة عندهم دمغة أم لا .. ربما لأني لم أسأله كوني أعلم أن الدمغة ربما تكون طقساٌ عالمياً لا يجوز التخلي عنه .
و الآن بعد ان سمعت هذا .. دعني أسألك لماذا لا تُفعّل حكومتنا يا صديقي هذا النظام في مصر ؟ لماذا لا تقام شركات متخصصة و ينتهي عصر التعامل مع الجمهور ؟ لماذا لا تخفف العبء على المواطن ؟ لماذا نُعطّل مصالحنا ونهدر أوقاتنا في طوابير الحكومة ؟ لماذا لا توجد أفكار إبداعية ؟ لماذا لا نتطور ؟ لماذا لا نرتقي ؟





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق