منتظرًا دوره في عيادة الأسنان، يشاهد التلفاز في تلك العيادة شبه الخالية، لا يوجد بها أحد إلا هو ومريض آخر ومساعدة الطبيب. التلفاز يعرض أحد الأفلام القديمة في أحد القنوات المخصصة للأفلام، يُقطع الفيلم وتُبث الإعلانات. ما هذا؟! إنه إعلان عن المنشطات الجنسية! يخفض رأسه من فرط الحياء، فالإعلان يحوي بعض الألفاظ التي تكاد أن تكون نابية، وإيحاءات لا تُقبل مطلقًا. تهرول مساعدة الطبيب إلى جهاز التحكم عن بعد لكي تنهي هذه الإشكالية بضغطة زر واحدة وتغير هذه القناة.
ها هو فيلم آخر، شاهد بعضًا من الفيلم، ثم أتت الإعلانات مرة أُخرى،
ولكن هذه المرة عن شورت تخسيس أو بذلة ساونا أو ما شابه. موديل تظهر على الشاشة
بملابس لا يمكن القول بأنها تلبسها فعلاً! تحاول أن تقنع المستهلك بأن هذا الشورت
سوف يعيد إليه رشاقته المفقودة منذ زمن وسوف يتخلص من هذه الترهلات حول بطنه و
أردافه. لم تقع عينه على صورة المنتج قط ولا حتى سمع اسمه، هو انشغل تماماً
بهذه الموديل البراقة. هرعت مساعدة الطبيب لتغلق هذا الجهاز ولسان حالها يقول
"كفانا ما رأينا وسمعنا".
ســوف تجدون هذا المشهد في العديد من الأماكن والبيوت يتكرر كثيرًا
في المكاتب والصيدليات والمحال التجارية، يُعرض يوميًا على شباب وبنات في سن
المراهقة وسن الإقبال على الزواج.
تخيل لو أنك الآن أبًا أو أنكِ الآن أُمًا لشاب أو فتاة في سن
المراهقة، وأنتم تشاهدون فيلمًا عائليًا ظريفًا في قناة من قنوات التليفزيون، فجأة
يتحول التليفزيون إلى كباريه أو صالة لعرض النساء العرايا.. كيف ستتصرفون؟ ماذا
ستفعل إذا شاهد ابنك أو ابنتك هذا الإعلان عن المنشط الجنسي وزيادة كذا
وتقوية كذا..؟ ماذا ستفعل إذا شاهد ابنك أو ابنتك هذا الإعلان عن الشورت أو البذلة
والشاشة مليئة بأجساد العرايا في إباحية لا مثيل لها؟
ألا تعرف هذه القنوات شيئا يُدعى الحيـــــاء؟ ألا يمكن أن تُعرض هذه
الإعلانات في قنوات متخصصة لهذا الغرض فقط دونما العرض في قنوات الأفلام والمسلسلات
الاجتماعية؟ ألا يمكن أن يبتعد الإعلان نفسه عن هذه الأشياء والألفاظ المؤسفة،
ويحقق أيضًا ما يرجوه من إقناع ووصول إلى المستهلك المُحتَمل؟
من فضلكم يا سادة.. العائلات الكريمة تربأ بنفسها عن مشاهدة مثل هذه
الاختلالات في الأخلاقيات، فلا تفرضوها عليهم فرضاً بعرضها على شاشات الفضائيات
التي تلتف حولها العائلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق