انا وانت و الحكومة
في الفترة ما بين عامي 2001 و2003 كنت أعيش في مدينة الأسكندرية، تلك المدينة الساحلية.. عروس البحر المتوسط بحق. في تلك الفترة كانت المدينة نظيفة حقاً، لا تكاد ترى في شوارعها قمامة. شركة فرنسية تدعى "أونيكس" كانت هي المنوطة بإزالة أطنان من القمامة يومياً من المدينة. الناس في هذه السنوات كانوا لا يلقون بالقمامة في الشوارع وإنما يلقونها في الصناديق التابعة للشركة والمخصصة لهذا الغرض، فكان سكان الاسكندرية يحافظون على نظافة شوارعها كما لو كانت تلك الشوارع هي بيوتهم، حتى أنني أذكر يوماً أن أهل شارع ما تشاجروا فيما بينهم لأن ساكن من السكان ألقى بقمامته في عرض الشارع رغم وجود الصندوق.. كانت حقاً مدينة نظيفة.
ذهبت الشهر السابق لإنجاز بعض الأعمال هناك، فلم أكد أتعرف على شوارع المدينة من كثرة القمامة فيها. الشركة الفرنسية لم تعد تعمل هناك، وتخلص السكان من قمامتهم في كل مكان، ولم تعد الأسكندرية كما كانت نظيفة. المواطن هو نفسه ذلك المواطن لم يتغير، هو نفسه الذي عاش في الفترة من 2001 إلى 2003 لم يتغير وإنما فقط تغير سلوكه، هذا المواطن الذي كان يحافظ على نظافة مدينته ويتشاجر لكي يضع الناس القمامة في الصناديق المخصصة أصبح هو الآن يرمي القاذورات في الشوارع.
لاحظ معي عندما يسافر المواطن المصري لدولة أوروبية تجده لا يجرؤ على إلقاء أي شئ على الأرض النظيفة أصلاً، ولا يجرؤ على كسر إشارة مرورية. هذا المواطن عندما يعود إلى بلده تجده دون أن يأبه لشئ يخالف كل القوانين، وتسأله لماذا تفعل ذلك؟ تجده يقول: "يعني هي جت عليا؟ ما كل الناس بيعملوا كده".
إذن لماذا نتصرف بهذا الشكل؟ أنحن مزدوجي الشخصية؟ ألدينا شخصية تحترم القانون والنظام تظهر خارج البلاد وشخصية أخرى لا تحترم القانون والنظام تظهر في الداخل؟ هل لنا الآن أن نسأل: هل العيب فينا أم في الحكومة؟ إن العيب في الحكومة وفينا نحن أيضاً. فلو أن الحكومة استطاعت أن توفر منظومة جيدة للتخلص من القمامة لما جرؤ أحد على أن يلقي شيئا ً على الأرض، ولحافظنا نحن على نظافة شوارعنا، ولو وفرت لنا الحكومة إشارات مرورية سليمة وتعمل بكفاءة لما فكرنا في كسرها. ولو أننا فعلنا ما نفعله في الخارج من احترام للنظام والقانون لما وصلت مصرنا لهذا الحال.
فلابد أن نتكاتف معاً للرقي ببلدنا.. تفعل الحكومة ما يجب عليها أن تفعله ونلتزم نحن بالسلوكيات الجيدة في تعاملاتنا. أنا وأنت لابد أن نحترم القانون. أنا وأنت لابد أن نحترم النظام. أنا وأنت لابد أن نحترم الطابور. أنا وأنت لابد أن نضبط سلوكياتنا في الشوارع ولا نلجأ "لـلفهلوة" لكي ننجز مصالحنا، فإصلاح هذا البلد لن يأتي إلا بتعاوننا.. أنا وأنت والحكومة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق